كشف محمد صديقي، وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، أن الحكومة تعمل على إحصاء سكان القرى والبوادي المتضررين من الزلزال الذين فقدوا مواشيهم من أجل تعويضهم في أقرب وقت ممكن.
وأكد وزير الفلاحة، في حوار صحافي مع جريدة هسبريس الإلكترونية، أن الحكومة معبأة بكل مكوناتها وراء الملك، وتراهن على جعل المناطق المتضررة من الزلزال في المستقبل “نموذجا للتنمية القروية، سواء في ما يخص البنيات التحتية، أو في ما يخص البنايات ومجال عيش الساكنة الذي ينبغي أن يكون جذابا للشباب، مع تثمين عمل النساء”.
وشدد صديقي على أن التصور الذي يتضمنه برنامج إعادة الإعمار هو “النظر إلى ما بعد الخسائر من أجل خلق دينامية تنموية جديدة يعطى بها المثال، وذلك في إطار النموذج التنموي لبلادنا.
ما هي المقاربة التي اعتمدتها الحكومة في التعامل مع فاجعة زلزال الحوز؟.
أولا نقدم خالص العزاء والمواساة لأسر الضحايا، ونطلب من الله الرحمة للمتوفين والشفاء العاجل للجرحى والمصابين.
مباشرة بعد واقعة الزلزال، أعطى جلالة الملك حفظه الله تعليماته لكل المصالح من أجل تدخل سريع ومحكم وفق رؤية شاملة تكون في مستوى الحدث الجلل.
أولا، كانت تدخلات للإسعاف وإنقاذ الأرواح من طرف مصالح السلطات المحلية، وخصوصا الجيش الملكي الذي تدخل بنجاعة كاملة؛ ومباشرة بعد هذه المرحلة التي دامت بعض الأيام كانت هناك تشخيصات على الصعيد المحلي، وبدأت الإحصاءات التي مازالت مستمرة، وتمت بلورة رؤية ليكون هناك برنامج تدخل شامل يجمع كل القطاعات.
ومنذ التعليمات الملكية السامية تشتغل الحكومة تحت رئاسة رئيس الحكومة بشكل متواصل من أجل إدماج كل التدخلات وضمان الالتقائية، لأن الأمر يهم كل القطاعات؛ وكانت عدة اجتماعات بهذا الخصوص.
وفي الاجتماع الأخير الذي ترأسه جلالة الملك، وهو الاجتماع الثالث، أعطى فيه تعليماته من أجل تنزيل البرنامج الشامل والمتكامل الذي تمت بلورته، وتابع الجميع أن الميزانية المخصصة له هي 120 مليار درهم، وسيمتد لخمس سنوات.
والبرنامج فيه 4 مراحل، فبعد المرحلة الاستعجالية هناك مرحلة الإيواء وبناء المساكن لفائدة من خسروا منازلهم، ومرحلة فك العزلة، لأن الطرقات والمسالك القروية تضررت، خصوصا في المناطق الجبلية التي شكلت صعوبة أمام عملية التدخل؛ ثم مرحلة مهمة من البرنامج هي امتصاص العجز والفرق في التنمية الاجتماعية، خصوصا في المناطق الجبلية، ومحور تشجيع الأنشطة الاقتصادية وتنمية كل القطاعات المنتجة في هذه المناطق، زيادة على البرامج العادية.
الزلزال ضرب مناطق قروية بامتياز. ما هي المحاور والمجالات التي ستتدخل فيها وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات للتخفيف من حدة الكارثة؟.
تدخل وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات سيهم محورين أساسيين، هما القطاع الفلاحي والقطاع الغابوي.
منذ البداية تعبأت مصالح الوزارة على الصعيد المحلي، وكانت معززة بالمصالح المركزية، من أجل المعاينة في الميدان والتشخيص والإحصاء، وهي علمية مستمرة. كان لنا تصور في الأسبوعين الماضيين، سواء في ما هو استعجالي متعلق بإصلاح الأضرار، أو ما هو هيكلي من شأنه الدفع بالتنمية القروية بناء على الاقتصاد الفلاحي والاقتصاد الغابوي في هذه المناطق.
والبرنامج الذي أعدته الوزارة يدخل في إطار البرنامج الكبير الذي أعطى انطلاقته جلالة الملك، ويتضمن محورا مستعجلا يتعلق بالبنيات التحتية الفلاحية، ويهم أولا الولوج إلى الضيعات الفلاحية، لأن هناك مشكلا بخصوص فك العزلة عن الضيعات الفلاحية عبر استصلاح المسالك القروية والفلاحية، وفتح مسالك جديدة.
وهناك عملية حماية الأراضي من الانجراف، لأن المناطق الجبلية المعنية وقعت فيها انجرافات كبرى بفعل الزلزال، الذي أضر بالضيعات الفلاحية والمجال الغابوي. وكل المنشآت المتواجدة في الجبال كانت فيها أضرار.
كما لدينا محور مهم كذلك يهم البنيات التحتية الهيدروفلاحية المتعلقة بالسقي، وهذه فيها ما يسمى السقي البسيط والمتوسط، وقد عرفت عدة أضرار عيناها في الميدان، فيما تتابع المصالح تدقيقها من أجل العمل على إعادة هيكلتها، وإنشاء نقط الماء، سواء في ما يخص السقي أو لضمان الماء اللازم لشرب الماشية.
عندنا كذلك محور خاص بالبنية الاقتصادية في المجال القروي، والأسواق القروية والأسبوعية، وأسواق الجملة التي كانت فيها أضرار؛ وهو محور مهم لإعادة التنمية الاقتصادية في المنطقة، مع تهيئة وحدات المنتجات الفلاحية، مثل التعاونيات ومقراتها التي تضررت. وسيخصص شق مهم في البرنامج لهذا المجال، وكذلك للمجازر في العالم القروي التي تعتبر بنيات مهمة في سلاسل الإنتاج الحيواني.
وعندنا أيضا محور خاص بإعادة بناء الرأسمال الفلاحي، ومحور آخر يهم الفلاحة التضامنية، التي يكون فيها استثمار بـ 100/100 من طرف الدولة، وتكون فيها أنشطة مدرة للدخل تهم الشباب والنساء، ودعمهم خصوصا في تثمين المنتجات المحلية.
ماذا عن القطاع الغابوي؟.
في الجانب الغابوي يشمل البرنامج تهيئة المجال بصفة عامة، من خلال إصلاح الأضرار.
ولدينا برنامج طموح لتشجير الجبال، وكذا تطوير وتعزيز السياحة الإيكولوجية في أماكن مثل منتزه توبقال المعروف الذي سجل أضرارا، وسنعمل على إعادة هيكلته وتحديثه؛ فضلا عن تعزيز برنامج المحافظة على المياه والتربة بالجبال، وذلك من خلال إحداث حواجز للصخور حتى لا تكون انجرافات؛ إضافة إلى عملية مستعجلة تتمثل في توزيع الأفران على العائلات من أجل الطهي. وهناك أفران ناجعة لا تستهلك الخشب بشكل كبير، ستوزع على سكان مناطق جبال الحوز وشيشاوة، مع حطب التدفئة في أوقات البرد.
سكان المناطق المتضررة فقدوا مواشيهم في الزلزال، كيف ستتعامل الوزارة مع الموضوع؟ وهل سيتم تعويض المتضررين عن هذه الخسائر؟.
هذا المجال من الأولويات بالنسبة للوزارة، لأننا سجلنا نفوق الكثير من المواشي، سواء الأبقار أو الماعز أو الأغنام. وفي مناطق ورزازات سجل نفوق الجمال، ونضيف إلى ذلك الدجاج؛ وهذه الحيوانات كلها تشكل رأسمال الإنتاج الحيواني.
عملية إحصاء المتضررين جارية، ونمتلك نظرة شاملة عن الموضوع. وكل دائرة وجماعة سنرى من تضرروا فيها، وسنحدد مربي الماشية والفلاحين الذين سنستهدفهم، وهذا نعمل عليه وسيتم تعويضهم عبر شراء رؤوس الأغنام والماعز والأبقار التي قضت في الزلزال. كما سيكون هناك دعم أكبر في هذا الخصوص، لأن المعنيين سيحتاجون الدعم على مستوى الأعلاف، خصوصا في فصل الشتاء، حيث لا تتوفر المراعي على الكلأ. هذا إلى جانب تتبع عن قرب من المصالح البيطرية، وإعادة هيكلة هذه السلسلة والبنيات التحتية الخاصة بها، مثل الإيواء ونقط الماء.
لدينا برنامج متكامل من أولوياته توصل المتضررين برؤوس المواشي التي خسروها في الزلزال.
ماذا عن جثث المواشي المدفونة تحت الأنقاض؟.
بالنسبة للمواشي التي نفقت في الزلزال هناك عملية تقوم بها المصالح المختصة من أجل إزالتها، كما أن المصالح البيطرية تتدخل وترى المناطق التي تحتاج إلى معالجة حتى لا تصبح عرضة لنقل الأمراض الحيوانية.
هل تتوفر الوزارة على أفق زمني لمباشرة تنفيذ هذه البرامج وتعويض المتضررين؟.
سيتم ذلك مع انطلاق البرنامج الشامل، الذي ستتضح محاوره وتتبين طريقة تنزيله تدريجيا. ونشتغل على ذلك في الحكومة، والسيد رئيس الحكومة سيترأس لجنة يوم الإثنين، وسنرى بصفة عملية كيف سيتم تنزيل البرنامج. وستكون عملية التعويض هي الأولى التي نقوم بها.
ما رسالتكم إلى سكان المناطق المتضررة؟ وهل المبالغ الضخمة الموجهة لإعادة الإعمار كافية لإنشاء مناطق جديدة تضمن الكرامة وتوفر شروط العيش الكريم للسكان؟.
الكل معبأ، وجلالة الملك أعطى أوامره ويتابع البرنامج، والحكومة معبأة بكل مكوناتها، والسيد رئيس الحكومة يقف على ذلك بشكل يومي، وكل القطاعات الوزارية كل في اختصاصه معبأة. نريد من هذه المنطقة أن تمثل في المستقبل نموذجا للتنمية، خصوصا التنمية القروية، سواء في ما يخص البنيات التحتية أو البنايات ومجال عيش الساكنة الذي ينبغي أن يكون جذابا للشباب، مع تثمين عمل النساء؛ وهذا هو تصور البرنامج الذي ينظر إلى ما بعد الخسائر من أجل خلق دينامية تنموية جديدة يعطى بها المثال، وذلك في إطار النموذج التنموي لبلادنا الذي كان مسطرا ويتضمن هذه الرؤية من قبل.