تستضيف مدينة طنجة، اليوم الثلاثاء، أشغال الدورة الثالثة من المؤتمر الوزاري رفيع المستوى حول مبادرة “الحزام الأزرق”، والمنعقد حوب موضوع “بناء قاعدة لحفز الغذاء والشغل في إطار مقاربة تنمية الاقتصاد الأزرق”. ويعطي هذا المؤتمر الوزاري، المنظم بمبادرة من وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات بشراكة مع البنك الدولي، الانطلاق الرسمي للدورة الأولى من “أسبوع إفريقيا للمحيطات”، والذي يضم برنامجه سلسلة من اللقاء والمباحثات بين وزراء الصيد البحري والاقتصاد الأزرق والمسؤولين السامين حول رهانات وتحديات مساهمة المحيطات في النمو الاقتصادي بالقارة الإفريقية.
وترأس وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، محمد صديقي، أشغال هذا الحدث الدولي رفيع المستوى، الذي يشهد مشاركة وفود تمثل 32 بلدا، يقود 16 وفدا من بينها وزراء، حيث جرى الافتتاح بحضور السفيرة جوزيفا ليونيل كوريا ساكو، مفوضة الاتحاد الإفريقي في قطاع الزراعة والتنمية القروية والاقتصاد الأزرق والبيئة المستدامة، وعمر هلال، السفير الممثل الدائم للمملكة المغربية لدى الأمم المتحدة، ووزراء ومسؤولين سامين وممثلي المنظمات الدولية.
في كلمة بالمناسبة، أكد السيد صديقي على أهمية موضوع المؤتمر بالنسبة للقارة الإفريقية، مشيرا إلى ضرورة جعل الاقتصاد الأزرق محركا حقيقيا للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، تماشيا مع إرادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، للانفتاح على البلدان الإفريقية المطلة على المحيط الأطلسي، وتشجيع تطوير قطاع الصيد البحري على المستوى الإقليمي بشكل يكون موجها نحو اقتصاد أزرق مستدام.
لمواجهة تحديات الأمن الغذائي وإحداث فرص الشغل، اعتبر السيد صديقي أن تعزيز قطاع الصيد البحري وتسريع تطويره من أجل نمو مستدام يمثل أولوية مطلقة لضمان السيادة الغذائية لإفريقيا. كما شدد الوزير على أهمية آليات التعاون جنوب-جنوب، مبرزا مبادرة “الحزام الأزرق” التي أطلقها المغرب سنة 2016، والتي تنسجم تماما مع الرؤية الملكية للمحيط الأطلسي. وأشار إلى أن مبادرة “الحزام الأزرق” تجسد شكلا جديدا للتعاون ومنصة تعاونية تهدف إلى تعزيز الممارسات المسؤولة في استخدام الموارد البحرية”، مضيفا أن المغرب يطمح، من خلال التعاون الإقليمي ومتعدد الأطراف والتعاون الثلاثي وجنوب – جنوب، إلى المساهمة في بروز اقتصاد أزرق مزدهر.
من جانبها، أعربت السيدة ساكو، باسم رئيس مفوضية الاتحاد الافريقي موسى فاكي محمد، عن شكرها الحار لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، على تنظيم هذا الحدث الهام ذي الأهمية الاستراتيجية بطنجة، المدينة ذات التاريخ المينائي والبحري الغني، مضيفة أن “الاتحاد الإفريقي يشارك في هذا الاجتماع رفيع المستوى، الذي يهدف إلى تعزيز رؤيتنا ومبادراتنا، مع إدراكنا للتأثيرات المضاعفة التي توفرها هذه الدينامية القارية”.
في هذا الإطار، أشارت المسؤولة الإفريقية إلى أن مبادرة “الحزام الأزرق”، التي تقودها المملكة المغربية والمدعومة من البنك الدولي، تؤكد على الطموح الذي يتجاوز حدود الأوطان من اجل تضافر جميع المبادرات المتخذة، بما في ذلك مبادرة الحزام الأزرق، بهدف إيجاد دينامية منسقة تعمل على تنسيق إنتاج الغذاء وخلق فرص الشغل في القارة. بهذا الخصوص، أعربت عن أملها في أن تتيح الإجراءات المتفق عليها في طنجة تنمية الموارد الزرقاء وتدبيرها بشكل مستدام، ومواصلة مسلسل التنمية المسؤولة من أجل اقتصاد أزرق مزدهر يخدم اقتصادات القارة وشعوبها.
من جهته، أشار السيد هلال إلى أن هذا المؤتمر أضحى لقاء سنويا بالغ الأهمية، ومنصة للتلاقي والتبادل القاري، وحجر زاوية يساهم في تقوية صمود المحيطات، مؤكدا أن مبادرة الحزام الأزرق تشكل آلية دبلوماسية وفضاء التقاء قاري من البحث والابتكار والخبرة وإرساء شراكات متضامنة وفق منطق رابح-رابح من أجل تطوير الاقتصاد الأزرق والحفاظ على النظم البيئية للمحيطات. وقال إن “الوقت قد حان للانتقال من وضع تصور للاقتصاد الأزرق إلى وضع خطط عمل وبلورة تدابير ملموسة تستجيب لاحتياجات التنمية العاجلة للبلدان الساحلية وغيرها من البلدان”، مشددا على أن مبادرة الحزام الأزرق تتوفر على كل المقومات لتحقيق هذه المقاربة الدينامية والاستباقية.
في هذا السياق، شدد السيد هلال على أهمية تعبئة القطاع الخاص لتمويل مشاريع الأغذية الزرقاء، وإشراك الوسط الأكاديمي ومعاهد البحث والتطوير لصقل وتطوير مفهوم السيادة الغذائية البحرية، مشيرا إلى أن أهمية الاقتصاد الأزرق ومساهمته، التي صارت موضع اعتراف وسط الاقتصاد العالمي، تتطلب إعادة التفكير وتمتين الحكامة لتدبير المحيطات، بهدف ضمان التوزيع العادل والمنصف للمنافع الاقتصادية لساكنة المناطق الساحلية.
أما ماريا صراف، كبيرة الخبراء البيئيين في البنك الدولي، فأشارت، في مداخلة عبر تقنية المناظرة المرئية، إلى أن البنك الدولي ملتزم للغاية بدعم الاقتصاد الأزرق، مضيفة أن الغلاف المالي المخصص لتمويل هذا النوع من الاقتصاد تضاعف تقريبا، من 5 مليارات دولار إلى 10 مليارات دولار خلال السنوات الخمس الماضية. كما أكدت أن هذا المؤتمر يشكل منصة للقاء وتبادل الخبرات والتجارب الفضلى والممارسات الجيدة، بهدف دعم تنمية الاقتصاد الأزرق في أفريقيا.
وسبق انعقاد هذا المؤتمر تنظيم لقاء تحضيري على مستوى الخبراء، والذي تطرق إلى موضوع حيوي يتعلق ب “الطلبات والحلول الموجهة لتسريع التغطية والتشغيل الأزرق بإفريقيا”.
ويركز الأسبوع الإفريقي للمحيطات، الذي يقام في الفترة من 7 إلى 10 أكتوبر بطنجة، على تعزيز الاقتصاد الأزرق والإدارة المستدامة للموارد البحرية في أفريقيا، ويجمع وزراء وخبراء وعلماء وممثلي المنظمات الدولية. :